عزة الوطن .. باجتهاد أبنائه
أهدى هذه القصة – التى كنت أحد أبطالها – الى كل شاب قطرى ، كتجربة واقعية تثبت أن عزة الوطن لا تتحقق الا باخلاص واجتهاد أبنائه .. وأنا أثق أن أبناء هذا الوطن قادرون على رفع رايته واعلاء شأنه بأذن الله ...
قامت جمهورية مصر العربية بانشاء أول دار لطباعة النقد بالشرق الأوسط ، والثانية على مستوى القارة الأفريقية بعد مثيلتها بجنوب أفريقيا فى أوائل الستينات .. وتعاقدت على ذلك مع أحدى الشركات الكبرى المتخصصة فى المانيا الغربية ، وقام البنك المركزى المصرى بتعيين نخبة من أوائل دفعاتهم بالكليات الفنية كالفنون التطبيقية والفنون الجميلة بالاضافة الى عدد من أصحاب الخبرة فى مجال الطباعة السرية ذات القيمة ، ثم أوفدتهم جميعا الى المانيا الغربية للتدريب العملى لمدة ستة أشهر ..
تطلب المشروع فى بدايته الاستعانة بأثنى عشر خبيرا فنيا من المانيا فى مختلف التخصصات الأساسية لضمان نجاح المشروع ، تحت اشراف كبير خبراء بدرجة مدير عام الشئوون الفنية وقامت ادارة البنك من جانبها بتعيين فنى مصرى مرافق لكل خبير أجنبى لمعاونته فى العمل ، وبدأ الانتاج الفعلى عام 1966 ، حيث تم تسليم الدفعة الأولى من الانتاج فى فبراير عام 1967
وفى شهر يونيو من نفس العام ، قامت اسرائيل بعدوانها الغادر على مصر وبعض الدول العربية المجاورة لها ، وما ان بدأت الحرب ، حتى قرر الخبراء الألمان مغادرة مصر فورا خوفا على أرواحهم ، وهربا بحياتهم .. وفعلا غادروا مصر الى المانيا .
وعلى الفور عقدت ادارة البنك اجتماعا عاجلا مع مساعدى هؤلاء الخبراء من الفنيين المصريين الذين أكدوا على استعدادهم لتحمل مسئولية استمرار العمل بنفس الكفاءة ، بل تطور الأمر بعد ذلك الى قيامهم بتطوير بعض أساليب العمل لزيادة الانتاج وخفض التكلفة دون أن يؤثر ذلك على جودة ودقة الانتاج .
وما أن انتهت الحرب وصدر قرار مجلس الأمن بوقف اطلاق النار ، حتى عاد الخبراء الألمان لاستلام عملهم .. الا أن ادارة البنك أبلغتهم بالاستغناء عن خدماتهم ، وطلبت منهم الرحيل مشكورين بعد أن صرفت لهم مكافات مناسبة ، ومنحتهم كتب شكر على ما قدموه من جهد وخبرة لاخوانهم المصريين ، وكان هذا الموقف مفاجأة لهم ، حيث توقعوا أن يتوقف العمل فور مغادرتهم .. فطلبوا من الادارة أن يقوموا بالمرور على كافة الأقسام ليطمئوا الى سلامة العمل قبل رحيلهم .. فوافقت الادارة ، وكانت المفاجأة أن معاونيهم من أبناء مصر وشبابها ، أثبتوا أنهم على مستوى المسئولية ، وأنهم لا يقلون عنهم كفاءة رغم قصر مدة الانتاج الفعلى قبل رحيلهم .
ان حكومة قطر الرشيدة .. وفرت كافة الامكانيات الصحية والخدمية والعلمية ، واستقدمت أفضل الكفاءات فى كافة المجالات ومن كافة أنحاء العالم لنقل خبراتهم لشبابها وأتاحت لهم فرص العمل فى كافة المواقع لتكون تجربة وممارسة عملية لهم ، يشقون طريقهم بما نالوه من علم ورعاية حتى يثبتوا أنهم لا يقلون عن غيرهم عقلا ووعيا وثقافة وعلما وكفاءة ، وأن يقبلوا التحدى بتحمل المسئولية تجاه وطنهم الحبيب ، وانهم لفاعلون بأذن الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق