الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

رسالة الى إبنى .... فى الغربة

عندما أكتب هذه السطور تكون أنت قد وطأت أرض الغربة .. بعيداً عن أسرتك التى لم تفارقك من قبل وإحتضنتك سنوات طوال منذ نعومة أظافرك .. عندما حلقت فى السماء مفارقا .. أخذت قلبى معك ، وأغرورقت عيناى بالدموع ...
إن عزائى الوحيد فى فراقك ، أنك فى مهمة مقدسة ، فإذا كنت قد سافرت لتستكمل دراستك الجامعية ، أى فى طلب العلم .. فأنت فى سبيل الله .
وإذا كنت الآن بعيداً عنا .. فتأكد – كما أخبرتك – أنك لست وحدك ، فإن معك من سيرعاك ويحميك ويدفع عنك كل مكروه ، ويخفف عنك آلام الوحدة .. سيؤنس وحدتك ويوفر لك الراحة النفسية والهدوء والسكينة بل والسعادة بالرسالة المقدسة التى سافرت من أجلها .. سيبعد عنك أصدقاء السوء ، ويقرب إليك من يوفرون لك الأمن والأمان والثقة ، سيرشدك الى الطريق الصحيح .. ويكافئك بالنجاح على الجد والإجتهاد والإخلاص فى تحصيل العلم ، سينير لك الطريق فى الظلام .. فلن ترى ظلاماً أبداً ، سيجعل لك الصعب سهلاً ، والمستحيل ممكناً .. ستكون آمناً مطمئنا به ومعه ، سيصاحبك التفاؤل والإطمئنان أينما ذهبت ، سيكون طبيبك العظيم صحياً ونفسياً .. فتظل صحيح الجسد ، هادئ النفس ، مشرق الوجه ، قوى الاحتمال .. إنها فرصتك للفوز بهذا الخير كله ... ولكن بشرط :
هذا الراعى العظيم .. سيكون معك دائما ، ولكنه يدعوك لزيارته فى بيته خمس مرات فى اليوم ، فكن حريصاً على لقائه ومناجاته بقراءة كلماته الجميلة العظيمة .. هو كريم فى العطاء ، فلا تحرم نفسك من عطائه .. نحن الآن عاجزون أن نكون بجوارك .. ولكنه القادر الوحيد على رعايتك حق الرعاية .. لقد إستودعناك الله ، الذى لا تضيع ودائعه .
يابنى ... لقد سافرت بعيداً ، ولا أدرى إن كنت سألقاك بعد ذلك أم لا .. ذلك فى علم الله وحده ، فإذا قدر الله لنا اللقاء بعد عودتك غانماً موفقاً فى مهمتك ، فسوف نجلس سوياً لنسترجع سنوات البعاد والشوق ، ونقيم تجربتك لنحولها دروساً فى الحياة تنقلها الى أولادك من بعدك ، فالعلم فريضة مقدسة واجبة علينا ، وهى سبيلنا لنجعل من أنفسنا قيمة ننفع بها أنفسنا والآخرين ، ونبنى بها أوطاننا التى ندين لها – بعد الله – بالأمن والرعاية ، ونرفع بها راية الدين ، ونعز بها الإسلام .. فيعزنا الله .
أما إذا قدر لى أن ألقى الله قبل لقائك فى الدنيا .. فلا تنسانى بالدعاء ، ولا تنسى وصاياى لك بعمل الخير ما حييت ، فإن ماعندنا ينفذ .. وما عند الله باق ، ولا تهمل أهلك ، وحافظ على صلة الرحم ، وكن دئما حامداً شاكراً لله صاحب الفضل كله .. أستودعك الله الذى لا تضيع ودائعه ...