الأحد، 10 أغسطس 2008

الانسان .. والأمل

الانسان .. والأمل
الانسان .. هذا المخلوق العجيب صغير الحجم بالنسبة لكثير من المخلوقات الأقوى والأضخم ، ولكن عقله الذى وهبه الله اياه ، استطاع أن يسيطر على المخلوقات الأخرى ويسخرها – بفضل الله ومشيئته – لصالحه وفائدته ، بل واستطاع بالعلم أن يخرج من حيز الكرة الأرضية الى الفضاء ، ويبنى الأبراج العالية ، ويغوص فى أعماق البحار ، وأصبحت لديه القدرة على البناء والدمار ، الانتاج والتخريب ، فعل الخير والشر.
ولأن الله سبحانه وتعالى يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ، ويعلم أنه مخلوق معقد المشاعر كما هو معقد التكوين الفسيولوجى ، فقد خلق معه واحدة من المشاعر التى جاءت لتجسد صفة من صفات الخالق وهى " الرحمة " ، فخلق معه مشاعر الأمل .
والأمل هو ببساطة .. خلطة سحرية لاستمرار الحياة ، ولولا الأمل لانتهت مظاهر الحياة منذ الأزل ، لأن الأمل هو البناء والعطاء ، هو القوة التى تساعد الانسان على الاستمرار والصبر فى مواجهة المحن والمصائب ، ويعينه على تخطى أصعب الظروف .
فالأمل بالنسبة للمريض الذى يلازم الفراش ، ويطول به الانتظار .. هو الذى يمنحه القوة للتغلب على المرض والعودة للحياة من جديد ، وقد أجمع علماء الطب على أن الحالة النفسية والمعنوية للمريض ، ورغبته فى الحياة ، تلعب دورا هاما فى استجابة المريض للعلاج ، وسرعة الشفاء ...
والأمل بالنسبة للمحب الذى يسهر الليل الطويل منتظرا طلة من الحبيب ، تمنحه القدرة على السهر والانتظار ليلة بعد ليلة على ضوء القمر أو شمعة وحيدة ، حتى يظفر ولو بنظرة أو ابتسامة تجدد فيه الأمل بأن يجمعهما الله – يوما ما بالحلال – فى عش الزوجية.
واذا فقد الانسان الأمل فى الحياة ، فان ذلك سيؤدى به الى اليأس والاحباط ، وربما يؤدى به الى الهلاك بالانتقام أو ارتكاب المعاصى لتدمير نفسه ، أو التخلص من حياته كما يحدث لدى ضعاف الايمان فى الشرق والغرب ..
وعلى العكس ، فان الأمل يؤدى الى التفاؤل ، الذى ينعكس على وجه الانسان بالابتسامة الدائمة التى تمنح الوجه جمالا على جمال ، وتكون مفتاحا لقلوب الآخرين فيظفر بحبهم ، ولنا أسوة بالرسول الحبيب " صلى الله عليه وسلم " والذى اتسم وجه الكريم بالابتسامة ، وبشرنا بأن تبسمك فى وجه أخيك صدقة ، فهل هناك أجمل من هذه الثمرة التى نشأت من الأمل .
وعندما فتح الله أبواب رحمته دون حدود أو قيود ووعد سبحانه - ووعده الحق - بالمغفرة ، واستبدال السيئات بالحسنات لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ، فان الله أنعم بالأمل على أولائك الذين ضلوا السبيل ليغيروا مسارهم فى الحياة الى الطريق الصحيح ، وحسن الخاتمة والفوز بالجنة مثل من سبقوهم بالهداية والتقوى .. فما أجمل هذا الأمل ..
والأمل بالنسبة للشعوب المقهورة ، التى تتعذب وتعانى الظلم والقهر والفساد من حكوماتها ، او من حكومات أخرى جنت عليها .. فأنها تعيش على أمل الخلاص ، فاما أن يأتى الخلاص من السماء ، أو من أولائك المخلصين الذين لا يخشون فى الله لومة لائم ، الذين يحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا ، ويزنوا أعمالهم قبل أن توزن عليهم ووهبوا أرواحهم لاقامة العدل ..
نعم .. هناك الكثيرون يعانون ويتألمون ولكنهم صابرون ، صامدون رغم المحن ، يتطلعون بالأمل الى السماء ، رافعين أياديهم متوسلين بالدعاء .. الى خالق الأمل ..

ليست هناك تعليقات: