نشأة البنوك التجارية
فى القرن الرابع عشر ، كانت مدينة البندقية من المدن والموانىء التى تشتهر بالتجارة مع الدول الأخرى ، وقد كان هناك عدد من الصيارفة الذين يتعاملون بصورة محدودة وبدائية مع الأموال لتسيير أمور التجارة .
كان الصيارفة
يستخدمون مناضد يضعونها أمامهم لممارسة أعمالهم ، وكانت المنضدة تسمى باللغة
الإيطالية " بانكو " أى المصطبة
أو المنضدة .
ومن هنا ، إشتقت كلمة
" بنك " التى أستخدمت بعد ذلك فى تسمية البنوك التى ظهرت لاحقاً كما
سيرد فيما بعد .
كان هؤلاء الصيارفة
يستخدمون بعض وسائل الحفظ المؤمنة ضد مخاطر السرقة لحفظ أموالهم ، مما شجع التجاروبعض
الشخصيات الهامة والعامة من الإحتفاظ لديهم بأمولهم ومشغولاتهم الذهبية والفضية
ذات القيمة مقابل أجر عن فترة حفظ هذه الممتلكات الشخصية من الأموال والمقتنيات
ذات القيمة ، على أن يقوم الصيارفة بإصدار إيصالات لحفظ حقوق العملاء .
مع مرور الوقت ، بدأ
الصيارفة فى تحويل بعض الودائع من شخص الى شخص آخر بناء على طلبه ، سداداً
لإلتزاماته فى إطار المعاملات الجارية بينهما .
تطور نشاط الصيارفة بعد ذلك ، بمنح بعض العملاء قروضاً مقابل ودائعهم ، إلا أن الأمر تطور بعد ذلك
بزيادة هذه السلف والقروض لأكثر من أرصدة الودائع بما يعنى الإقراض على المكشوف وقد أدى ذلك الى إفلاس عدد من الصيارفة ، والمؤسسات المالية المعاصرة لها .
وفى القرن السادس عشر
، طلب بعض المفكرين إنشاء أول بنك حكومى ، حيث تم فعلاً إشاء أول بنك تحت إسم " Banco Delja Piazza Di Rialta " عام 1587م ثم أنشئ
"
Bank
Of Amsterdam "
عام 1609م ، وكان النشاط الأساسى لهذه البنوك هو حفظ
الودائع للعملاء ، وتحويلها من مودع لأخر بناء على طلبه ، بالإضافة الى إستبدال العملات .
ومع التطور والنمو فى
المعاملات المالية والتجارية ، لاحظ
الصيارفة أن الأموال تراكمت لديهم دون الإستفادة منها ، ومن هنا بدأ التفكير فى
إستثمار هذه الأموال – ولو جزئياً – بالإقراض مقابل فائدة تحتسب على المبالغ
والمدة .
وقد تزامنت هذه الحقبة
من الزمن ، مع بداية الثورة الصناعية فى أوروبا ، بإستخدام البخار فى إدارة الآلات
والمركبات " بدء الثورة الصناعية " ، مما ترتب عليه التوسع فى النشاط
الصناعى وزيادة الإنتاج ، ومن ثم زيادة
حجم التجارة بين دول أوروبا ، وأصبحت المعاملات المالية حتمية على المستوى الدولى
بدلاً من المعاملات المحلية المحدودة بواسطة الصرافين وبعض المؤسسات المحدودة .
هكذا فرضت المعاملات
المالية ، بين التجار وأصحاب المصانع ، وشركات النقل حتمية إنشاء بنوك فى الدول ،
وفروع لها فى الدول الأخرى ، أو إتفاقيات تبادلية فى المعاملات المالية وكان ذلك
هو ميلاد البنوك التجارية أو التقليدية
منذ القرن الثامن عشر وحتى يومنا هذا .
وجدير بالذكر ، أن أول بنك عربى ظهر فى المنطقة العربية هو البنك
الأهلى المصرى الذى تأسس عام 1898 م ، ثم توالت البنوك العربية فى المنطقة بعد
ذلك.
ويقصد بالبنوك التجارية ، البنوك التى
تقوم بقبول ودائع تدفع عند الطلب أو لآجال محددة ، وتزاول عمليات تنمية الادخار
والاستثمار المالى فى الداخل والخارج ، بما فى ذلك المساهمة فى إنشاء المشروعات ،
وما تستلزمه من عمليات مصرفية وتجارية ومالية ، وفقا للأوضاع التى يقررها البنك
المركزى بكل دولة .
إن إنتشار البنوك التجارية فى المجتمع
يسهل على الأفراد الحصول على الخدمة المصرفية وفى ذات الوقت يجعل هذا التنظيم
المصرفى أكثر قدرة على جمع أكبر كمية من الودائع ومنح التسهيلات المصرفية ، مما
يترك أثرا بالغا فى الاقتصاد القومى لما يوفره ذلك من حسن إستخدام الأموال والثروات
المتاحة.
ومن أهم الوظائف الأساسية التى تقوم بها
البنوك التجارية هو قيامها بدور الوسيط بين
المقرضين والمقترضين ، حيث تقوم البنوك بتجميع المدخرات الوطنية وتوجيهها
نحو الاستثمار فى المشاريع الاقتصادية بما يتماشى مع سياسة الدولة الائتمانية .
كما أسلفنا فإن البنك التجارى يعتبر فى حكم الوسيط المالى بين المقرضين
والمقترضين ، مقابل فائدة بنسبة محددة
لكلا الطرفين ، وتزيد نسبة الفائدة على الاقراض عن نسبة الفائدة على
الودائع بما يحقق تغطية مصاريف التشغيل بالاضافة الى ربح البنك الذى يمثل عائد
لصالح المودعين والبنك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق