حلاوة الإيمان
الإيمان ...
كلمة ينطقها كثير من الناس " إيمان ..
مؤمن .. آمن .. .. الخ ) ، دون أن يتأملها الكثيرين ، ودون أن يحسوا بها .. بل
ويتذوقوا طعمها الذى لا يوصف ، ولا يمكن لإنسان أن يشعر بحلاوته ، إلا من أنعم الله
عليه بنعمة الإيمان ...
الإيمان ...
ليس مجرد مظهر .. ولا سلوك لا تعرف ما يخفيه
فى النفس البشرية .. ولا كلام جميل يشدوا به المحترفون فى المجالس ، ليحققوا من
ورائه مآرب أو مصالح دنياوية .. أو مادية ..
الإيمان ...
ليس مجرد صلاة تؤدى .. ولا قرآن يحفظ .. ولا
صدقات توزع على مرآى من الجميع .. ولا مشروعات خيرية .. ولا لسان جميل الكلمات ..
ولا حنان يوزع على البشر ، أو المحتاجين من البشر ... ولا بخور أو هدايا عينية أو
مادية ... أو مظاهر الورع والتقوى .. أو إعتكاف ورهبنة .. ليس دروشة أو مشيخة ..
ولا حديث عذب مطعم بقال الله .. وقال الرسول " صلى الله عليه وسلم " .. حتى يسلبك الإرادة ، فتنساق خلفه
مغمض العينين .. أصم الأذنين .. جامد العقل ... تملؤك الثقة فى هؤلاء المشايخ
الواصلين البركة.
الإيمان ...
ليس خطباً حماسية .. أو أحاديث هادئة ناعمة
.. ليس صوتاً عالياً ... أو منخفضاً ..وليست يداً حنونة توضع على رأسك لتمنحك
البركات والرحمات السماوية ... وتزيل عنك الهموم الدنياوية .
الإيمان ...
ليس بالزيارة المنتظمة لآداء العمرة .. أو
بالحج سنوياً دون إنقطاع .. وليس بدموع تنهمر أمام الناس حتى تقتنع بأنه رجل واصل
وبركة ...
الإيمان ...
منحة إلاهية لمن يختاره رب العباد ... هى شيئ
معنوى لا محدود .. لا تستطيع أن تلمسه بيدك ، أو تحدد ملامحه .. وربما لا تستطيع
أن تصفه أحياناً .. لأن هذه المنحة لها خصوصية بالغة فى أعلى درجاتها ... بين
العبد والرب ... منحة تستحق أن يخفيها المؤمن عن العالم كله .. بحكم خصوصيتها مع
أعظم واهب ومانح وخالق ... مع الله .
الإيمان ...
مهما تحدثت به للآخرين .. من الأحباب
والأقارب والأصدقاء .. لكى تجذبهم إليه ، لن تنجح ... لأنك مهما كنت ، ومهما بلغت
درجة إيمانك ، لا تستطيع أن تمنح الإيمان لأى مخلوق على وجه الأرض ، مهما كانت
محبتك له .. وقربه منك .. ومنزلته فى قلبك ... فستجد أمامك آذان صماء ، وعيون
مغلقة ، وقلوب طبع الله عليها ... ليس لشيئ ، سوى لأنها منحة من الله ، ينعم بها
على من يحب ، منحة إلآهية تهبط من السماء الى قلب المؤمن .. ولا تحتاج الى وسيط
يرشح من يحب ... ويمنعها عن من يكره .. ..
الإيمان ...
ليس له علاقة بهوى النفس ... هى منحة ليس لها
لون ولا رائحة ولا شكل ، ولا تستطيع ان تلمسها مادياً أو وصفاً .. ولكن لها طعم
... لا يتذوقه إلا من رفعه الله الى مرتبة المؤمن ... مرتبة لا يعرف منزلتها إلا
من رضى الله عنه ... هى أعظم منحة ، يمكن أن يحلم بها الإنسان على وجه الأرض ...
الأيمان ...
لا أدعى أننى وصلت الى مرتبته ...
ولا أظن أن الله أنعم علىّ به ...
ولا أظن أننى فى بداية الطريق إليه ...
هى منحة عظيمة لا أدعيها ..
هى مرتبة عالية .. لا أظن أننى قد أصل إليها ...
هى هدف قد ألقى ربى قبل أن أنال منحته ...
ومع ذلك ... فإننى أحلم بها .. وأسعى إليها .. وأتمناها .. وأدعو الله
باكياً أن يشفق علىّ - أنا العبد الخطاء .. الضعيف - كى يمنحنى إياها ولو قبل أن
أسلم روحى ، ولو بثانية واحدة ...
ü عندما تشعر أن الدنيا وما عليها .. لاقيمة لها أمام رضى الله ...
ü عندما تشعر بأن قلبك لا يحمل إلا الحب والتسامح للآخرين ...
ü عندما تشعر أنك أقل مكانة - عند الله - من إنسان أشعث أغبر .. يسير فى
الطريق بثياب ممزقة ، دون حذاء ، يشمئز منه ويبتعد عنه الآخرون ...
ü عندما تشعر من داخلك ، بأنه لا قيمة لشيئ على الأرض ، يمكن أن تصارع
الآخرين من أجله ...
ü عندما .. ترضى بنفس راضية .. أن تكون مظلوماً أمام من يعبدون الدنياً
بمباهجها ، لأنك تثق فى عدالة الله ... وترضى بقضائه ...
ü عندما لا تفكر فيما سيحدث غداً .. أو بعد لحظة .. لأن الله هو مدبر الأمور
بعظمته ...
ü عندما تقرأ القرآن .. فتعيش فى كلماته .. وتتأمل معانيه وعبره .. وتدمع
عيناك أحياناً ...
ü عندما لا تكون راغباً فى أن تخبر الآخرين عما تراه من إشارات فى منامك .. أو
على لسان الآخرين ... وترى - فى صمت - من معجزات الله فى حياتك اليومية .. وأن
تعتبرها مجرد إشارات ربانية خاصة جداً لا تملك حق الإفصاح عنها ...
ü عندما تتمنى لكل عاص .. أن يهتدى ، دون أن تغضب منه .. أو تعنفه ... أو
تلومه ...
ü عندما تشعر بأنك قد نجحت فى أن تزرع حب الإسلام فى قلوب من حولك ...
ü عندما تشعر بصدق .. انك تتمنى الخير للجميع ... وتفرح بسعادتهم ... وأن
تكون دائماً مصدر سعادة للآخرين ...
ü عندما تساعد كل من يقابلك .. مهما كانت إنتماءاته الدينية أو السياسية أو
الدنيوية ، دون أن تنظر منه المقابل ...
ü عندما لا ترد سائلاً ... أو محروماً ...
ü عندما تنظر لعبدة الدنيا .. مبتسماً ومشفقاً ، وتتمنى لهم الهداية ..
ü عندما تشعر بأن الدنيا هى دار لهو ولعب وزينة وتفاخر .. وأن بها من
الغافلين .. والعاصين والكافرين والظالمين ، وأن ذلك أمر طبيعى .. لأنها مشيئة
الله .. حيث قال فى محكم كتابه " نار وقودها الناس والحجارة " ، فتعرف
أن هؤلاء هم وقود جهنم ... ولكن .. لا تخبرهم بذلك ...
ü عندما تحس - بينك وبين نفسك - بأنك أقل منزلة ودرجة عند الله ، من كل من سبقك
على طريق الهداية طلباً لرضى الله وطاعته ...
ü عندما تشعر بأن المال .. ليس هدفاً أو ميزة أو قيمة ... ولكنه إبتلاء ،
وأنه أمانة إختارك الله لتوصلها الى الآخرين ... وستحاسب على ذلك ...
ü عندما تشعر عن إيمان .. بأنك لا تملك ما بحوزتك ، لأن الملك لله وحده ...
ü عندما لا تشعر - ولو للحظة - بمشاعر الغرور والزهو تجاه الآخرين ...
ü عندما تقف - خجولاً مؤنباً نفسك - بين يدى الله فى كل صلاة ، على خطأ أو
تقصير ...
ü عندما لا تشعر بقيمة لقوتك الجسمانية .. أو السلطوية .. أو الإجتماعية ..
أمام عظمة الله ... وكيف تشعر بذلك وأنت تضع رأسك على الأرض مرات عديدة طوال اليوم
.. خاشعاً لله ...
ü عندما تتمنى أن تكون سبباً لخير الآخرين .. دون مقابل ...
ü عندما تشعر دائماً أمام الله .. بأنك مقصراً فى حقه ، عاجزاً عن شكره ... كما
يجب ...
ü عندما تبتسم فى وجه الآخرين دائماً ... ولا يسمعون منك إلا الكلم الطيب ...
ü عندما تقابل المصائب .. بالصبر .. وبلا حول ولا قوة إلا بالله ... والحمد
والشكر ...
ü عندما تدمع عيناك عندما ترى طفلا يتيماً ... أو مظلوماً ...
ü عندما لا تتوقف عن الشكر لله .. والإستغفار ...
ü عندما تدعو الله خاشعاً ذليلاً .. غير متعجلاً ولا منتظراً الإجابة ...
ü عندما لا تحمل فى قلبك غلاً ولا حسداً لأحد - حتى من يضمرون لك شراً -
وتفوض أمرك الى الله .
ü عندما لا تشعر بالسخرية والإستهجان أو الإستهتار والإستهانة بأحد ، مهما
كان ...
ü عندما تشعر بأنك ضعيف دائما أمام عظمة الله .. قوياً أمام الآخرين بحول الله
ورحمته بك ....
ü عندما تشعر بالرضى والإمتنان الى الله ، عندما تنتهى من الصلاة أو قراءة
القرآن .. لأن الله أعانك على ذلك .. فبدون عون الله ... لا تستطيع أن تفعل شيئاً
... حتى التنفس ...
ü عندما تلوذ بحماية الله لك من الشيطان .. وأنك تحتاج دائماً بأن يحصنك الله
منه .. وأنك لست قادراً على قهره إلا بعون الله لك ، ورضاؤه عنك ..
ü عندما تضع " رسول الله " صلى الله عليه وسلم ، أمام عينيك دائماً .. مثلاً وقدوة ،
وتتمثل بصفاته ، وتعيش مع سيرته العطرة ... وتسير على خطاه ... وتقارن بين ما أنت
عليه من قول وعمل .. وما كان عليه الرسول الكريم فى حياته ...
ü فهو نبى الرحمة ، السراج المنير ، الذى أرسله الله للبشر أجمعين ... دون
فئة بعينها ...
دعنى أتوقع - وأنا لست متأكداً
إن كنت على صواب أم خطأ - بأنك " ربما "..... وليت وجهك نحو الإتجاه الى
الطريق الصحيح للوصول فى نهاية الطريق الطويل والشاق الى مرتبة الإيمان ... وللفوز
بالمنحة الربانية ، قبل أن تقابل الرحمن ... أما النتيجة .. فلا يعلمها إلا الله ...
فأجعل من هذه الإشارة أملاً
للسير على درب رسول الله " محمد " صلى الله عليه وسلم أشرف من وطأت
قدماه الشريفتان الأرض منذ خلقت ، إمام الأنبياء ، وخاتم المرسلين ... أشرف خلق
الله ... صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .. والله ندعو أن يجمعنا به يوم
القيامة ...
الله ندعوك أن ترضى عنا برحمتك
... برحمتك فقط ...
فقد ثقلت موازيننا بالذنوب
التى لا يمحوها سواك .. يا أرحم الراحمين .
وآخر دعوانا ... أن الحمد لله
رب العالمين ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توقيع :
عبد الله الخطاء .. التواب ..
( كل إبن آدم خطآء .. وخير الخطآئين ..
التوابون ) حديث قدسى عن رب العزة .