أهلاً .. رمضان
رمضان جانا .. وفرحنابه .. هل هلاله .. بعد غيابه .. أهلاً رمضان .. كنا
نستقبل شهر رمضان المبارك بهذه الكلمات الجميلة بصوت المطرب الجميل " محمد
عبد المطلب " رحمه الله .
هذا الشهر الكريم الذى قال فيه القرآن الكريم " شهر رمضان الذى أنزل
فيه القرآن .. هدى للناس ، وبينات من الهدى والفرقان " صدق الله العظيم ،
والذى قال فيه الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم : أوله رحمة ووسطه مغفرة ، وآخره عتق من النار " صدق
رسول الله ..
كانت مصر كلها - دون إستثناء - بكل طوائفها ومستوياتها الإجتماعية تستقبل
هذا الشهر الكريم بالتهانى المتبادلة ، المسيحى قبل المسلم ، والزينات بكل أشكالها
وألوانها ، من أعلام وأوراق ملونة وإنارة مبهرة بكل المظاهر الحديثة والقديمة ،
وتعليق الفوانيس المصنعة بأحجام كبيرة فى الشوارع والأزقة ، والفوانيس على واجهات
المحلات .. وتجهيزات الكنافة والقطائف على الأرصفة أمام المحلات ، وغيرها من
الحلوى والعصائر .. ومحلات الفول لزوم السحور ...
كنا نسير فى الشوارع المزدانة ، ونسمع أصوات الراديو عالية بالمحلات ، إما
بالقرآن والتوشيح ، وإما بالأغانى الرمضانية الجميلة ، ونرى الأطفال ببراءتهم
المعتادة يسيرون حاملين الفوانيس فى أمن وأمان منشدين .. حالوا ياحالوا .. رمضان
كريم ياحلوا .. حل الكيس ، وإدينا بقشيش .. لا تروح ما تجيش ياحالوا.
كان الأخوة المسيحيين يخفون طعامهم وتدخينهم أمام الصائمين إحتراماً
لمشاعرهم ، بل كانوا يقومون بتجهيز بعض الأطباق الجميلة لتقديمها الى الجيران عند
الإلفطار .. وكانت السهرات بين العائلات
والجيران تمتد حتى السحور فى حب وتآخى ووئام ..
كنا نتجمع أمام أجهزة التلفاز لنشاهد فوازير المرحوم " فهمى عبد
الحميد مع نيللى " وسمير غانم "فطوطة " .. والعديد من المسلسلات
الدينية والتاريخية والإجتماعية والكوميدية ... الخ ، ونظل نلهس وراء المسلسلات
بين قناة وأخرى ...
وجنباً الى جنب .. كانت المساجد عامرة بالمصلين فى صلاة التراويح والقيام ،
وقراءة القرآن ، والذين قال فيهم المولى سبحانه وتعالى " والذين يبيتون لربهم
سجداً وقياماً " ، طلباً للرحمة والمغفرة فى شهر القرآن الذى لا يزورنا سوى
مرة واحدة فى العام ...
ثم نودع رمضان بالأغانى الجميلة " فات الوقت بدرى ، والأيام بتجرى ،
والله لسة بدرى ياشهر الصيام ، ثم نستقبل العيد بأغانى العيد وأشهرها للفنانة
الكبيرة أم كلثوم .. " ياليلة العيد آنستينا ، وجددت الأمل فينا .. ياليلة
العيد ..
رمضان بعد أيام .. ومصر ليست هى مصر ، وشعبها حزين بين قتيل وجريح ، أين
أنت ياشعب مصر الجميل .. وما ذنب أطفالنا القابعين فى المنازل خائفين .. لقد تبدلت
الأنوار بالنيران ، والحلوى بالحجارة نقذف بها بعضنا بعضاً .. وزجاجات العصير ،
بزجاجات المولوتوف والنار .. والقنوات الإعلامية المأجورة تصب الزيت على النار ..
لا حول ولا قوة إلا بالله .. إنتبه أيها المصرى فأنت ضحية مؤامرة بدلت الأمن خوفاً
، والفرح حزناً ، وأنستك شهر القرآن والعتق من النار .. وفرقت بينك وبين جارك ،
فهل نفيق من غفوتنا ؟ ونتقى الله فى أنفسنا وأطفالنا .. إنصرفوا من الميادين ،
وإستعدوا لإستقبال الشهر الكريم ، وآه يا إعلام .. أين أنت من هذا الشهر ؟ حسبنا
الله ونعم الوكيل ، يارب .. ليس لنا ملجأ
سواك .. فنجنا من القوم الكافرين .