رحلتى ... مع المســــــــرح
*******
كانت أولى خطواتى نحو المسرح لممارسة هواية عشقتها ، وأنا فى الثانية عشر من عمرى ، عندما كنت فى المرحلة الإعدادية ، بعد أن توفى والدى بأشهر معدودة وكان فى قلبى حزن دفين لم أعرف كيف أعبر عنه آنذك إلا بالتمثيل ..
عندما كنت أقف أمام مدرس النشاط لأقدم مقطعاً تمثيلياً يتيح لى فرصة الإنضمام الى فريق التمثيل بالمدرسة ، كنت أقدم مقطعاً لطفل إختطف الموت أباه فجأة ، وأحس بالفراغ والضياع وهو فى سن مبكرة .. يتحسس الطريق ، ولا يعرف من الحياة سوى أسرته الصغيرة .. ومدرسته .
قدمت هذا المقطع أمام مدرس النشاط .. وبكيت ...
إختارنى مدرس النشاط لأكون عضواً فى فريق التمثيل فى المدرسة عندما أحس بصدق إحساسى ، وقدرتى على التعبير عما يعتمر فى نفسى بالكلمة والحركة والإنفعال الصادق ، وهى الأدوات الأساسية للتمثيل بالمسرح .
كانت أولى المسرحيات التى إشتركت فيها ، مسرحية عن الكفاح العربى المشترك ضد الإحتلال الإسرائيلى الغاشم لقطعة غالية من قلوبنا .. أقصد من أرضنا ، ألا وهى فلسطين الحبيبة .. وكان دورى فى المسرحية ، مجاهد سورى فى صفوف المقاومة التى ضمت عناصر عربية أخرى متعددة .. ونجحت فى الدور الذى أسند إلىّ .. فكانت البداية ..
عندما إنتقلت الى المرحلة الثانوية .. شاء القدر أن يأخذنى النشاط الى إتجاه آخر .. فكان إتجاها سياسياً هذه المرة .. فقد إلتحقت بمنظمة الشباب الإشتراكى التى رأسها فى ذلك الحين الدكتور / حسين كامل بهاء الدين ، ومساعده الذى كان يتولى مسئول التدريب آنذاك ، الدكتور / مفيد شهاب ...
بدأت مشوارى السياسى بحضور العديد من المعسكرات التثقيفية والتدريبية ما بين معسكر حلوان ، ومعسكر الشباب فى أبو قير بالأسكندرية ، حيث تدربنا على العمل السياسى فى إطار منظمة الشباب الإشتراكى ، كفرع من الإتحاد الإشتراكى الذى كان على قمته فى ذلك الحين السيد / على صبرى – الأمين العام .
وبعد أن أنهيت المرحلة الثانوية ، إلتحقت بالعمل فى الأمانة العامة للإتحاد الإشتراكى – فرع أمانة الشباب ، والتى كانت تشغل فى ذلك الحين المبنى المجاور لفندق شيراتون القاهرة فى مواجهة النيل العظيم .
لم يستطع العمل السياسى أن ينزع من داخلى هواية التمثيل .. فقد كنت – من خلال حفلات السمر والتعارف بالمعسكرات – أشترك فى تقديم بعض الفقرات الفنية بالإشتراك مع زملائى .. وكنت دائماً أشعر أن الفرصة ستأتى يوماً ما .. لأمارس هوايتى الحبيبة ..
فى ذلك الوقت .. كان لى أخ يكبرنى بعدة سنوات يمارس نفس الهواية .. وكان عضواً بالمسرح العمالى ، وعندما شعر بحبى للمسرح ، عرض علىّ يوماً الذهاب معه للمسرح للإشتراك مع فريق الكومبارس ( الممثلين الذين يظهروا على المسرح فى خلفية الممثلين الأساسيين دون أن يتحدثوا ) .. وكان أجرى فى ذلك اليوم ما قيمته خمسون قرشاً عن الليلة الواحدة .. تصرف فى نهاية الأسبوع ..
لم يكن قبولى القيام بدور الكومبارس وقتئذ يرجع لحاجتى الى الخمسين قرشاً ، وإنما رغبتى فى الوقوف على المسرح ، ومعايشة أحداث المسرحية .. وإكتساب الخبرة من الممثلين الكبار فى كيفية التعامل مع المسرح والجمهور والمخرج والمنظومة المسرحية بشكل عام .. كنت أسعد بإستنشاق عبير خشبة المسرح .
قررت منظمة الشباب بدء النشاط المسرحى بتشكيل المسرح السياسى ، أو مسرح المنظمة .. وكان يهدف الى تقديم المسرحيات العالمية ، والتوعوية لجمهور الشباب وأسرهم .. فكان لى نصيباً فى الإنضمام الى المسرح السياسى ..
كانت أولى مسرحياتى فى هذه المرحلة على مسرح " الهوسابير – بشارع رمسيس ... " ثم غاب القمر " .. .
كانت مسرحية باللغة العربية الفصحى من إخراج أحد مخرجى التليفزيون كان يدعى " محمود سامى " .. ، وتدور أحداثها عن جانباً من الحرب العالمية الثانية فى أوروبا .. وكان دورى من الأدوار الرئيسية لأحد الضباط النازيين الألمان الذين إحتلوا أحد القرى الأوروبية ، وواجهوا المقاومة .. وتناولت المسرحية الجانب النفسى للجنود الألمان الذين إنهار بعضهم فى مواجهة المقاومة ، وإحساسهم بما يقومون به من إعتداءات وحشية على أهل القرية ... تناول هذا الدور الجانب العسكرى لمسئولية الضابط للقيام بواجبه ، والجانب النفسى لعلاج الحالة النفسية المتردية لجنوده فى المعركة .. كان دوراً محورياً أمتعنى فى القيام به .
وفى حفل الختام .. تم تخصيص جوائز لأفضل الممثلين المشاركين فى العرض ، فكانت إحدى الجوائز من نصيبى ، وكانت دافعاً لى على الإستمرار بعد أن شعرت بتقدير أولى الخبرة فى مجال المسرح .
كانت المسرحية الثانية .. أو التالية ، على المسرح القومى بالعتبة .. وكانت باللغة العامية .. بعنوان " إشاعة هانم " .. من إخراج الأستاذ / حسن صالح ، من المخرجين الهواة المخضرمين ..
وكان دورى فى هذه المسرحية ، دور البطولة المطلقة ..
تدور أحداث المسرحية فى أحد الأحياء الشعبية التى تعرف فيها شاب على فتاة تقطن فى نفس الحى " بنت الجيران " .. وتقدم لخطبتها ، وعاشا معاً قصة حب رومانسية أخذتهما الى الخطوة الأخيرة من الزواج .. إلا أن الإشاعات التى أطلقها البعض من أهل الحى ، أثارت مشكلة كبيرة بين العائلتين ، كادت أن تقضى على العلاقة البريئة بين الحبيبان ، لتقضى على أمالهما ببناء بيت جديد وتكوين أسرة جميلة ..
وكانت المسرحية بالطبع تهدف لتوعية عامة الشعب لتجنب الشائعات ، بل ومقاومتها بإعتبارها أحد عناصر الدمار للكيان الإجتماعى .. ونجحت المسرحية .
فى هذه المرحلة .. إنتقلت من العمل فى الأمانة العامة للإتحاد الإشتراكى الى البنك المركزى المصرى .. فكانت مرحلة جديدة من حياتى العملية ...
كما هو المنطق دائما .. تطلب مجال عملى الجديد بذل الجهد والوقت لإثبات ذاتى وبدء أولى خطواتى الناجحة فى عملى .. فأستغرق ذلك عدة أشهر أبعدتنى مؤقتاً عن المسرح .. وهوايتى المحبوبة .. ولكن ،
لم تستمر كثيراً حالة البعاد بينى وبين محبوبتى – خشبة المسرح – فالتحقت فى ذلك الوقت " بمركز رعاية نشئ وشباب العمال " .. وكان هذا المركز أحد الفروع التوعوية والتثقيفية لشباب العمال تحت مظلة النقابة العامة لعمال مصر ... ويرأسه الأستاذ / إبراهيم الأزهرى ، وهو من القيادات العمالية البارزة ، ويعاونه مجموعة من الشباب المخلصين ..
كان هذا المركز يشغل أحد المبانى الواقعة بشارع الجمهورية بالقاهرة .. وكان يضم مسرحاً صغيراً لتدريب شباب العمال على هواية التمثيل المسرحى ، بالإضافة الى العديد من الأنشطة الأخرى ، كالموسيقى والقراءة ... الخ من الهوايات البناءة والمفيدة التى تبعد شباب العمال عن إضاعة الوقت فيما يضرهم ، ويضر المجتمع ، ذلك كان الهدف الرئيسى من نشاط المركز ..
كان عيد العمال .. مناسبة هامة لمشاركة الشباب بالأنشطة المختلفة التى تظهر فاعلية هذا المركز ، فكان لزاما علينا إقامة مهرجان سنوى للمسرح العمالى .. يستمر المهرجان لمدة أسبوعين الى ثلاثة أسابيع ، تقدم فيه فرق التمثيل بالشركات والمصانع بعض المسرحيات التى تخضع للإنتقاء الدقيق فى موضوعاتها وتميزها الفنى من كافة الجوانب .. فكنت أنا أحد أعضاء اللجنة التى تشرف على هذا المهرجان ، وتحدد العروض التى ستقدم فى هذه المناسبة ..
كان المهرجان يخصص ليلتان لعرض كل مسرحية ، وفى الليلة الثانية ، يتم إستضافة أحد النقاد المعروفين ، وعدد من الصحفيين لتقييم العمل وفتح باب المناقشة مع جمهور المتفرجين ، حتى يكون ذلك تمهيداً لإعلان أفضل العروض فى نهاية المهرجان ..
كان من الطبيعى أن يكون للمركز الرئيسى الذى كنت أشارك فى الإشراف عليه مسرحية تعرض ضمن المهرجان ..
كانت مسرحيتى التالية .. " البركان " .. للمخرج المبدع الأكاديمى الأستاذ / أحمد عبد المجيد ..
كانت أحداث المسرحية – وهى من تأليف أحد المؤلفين الهواة – باللغة العربية الفصحى ، وتدور أحداثها فى إحدى المدن الأوروبية التى كانت تقع أسفل أحد البراكين الهادئة .. وعندما بدأت الحملة الإنتخابية لإختيار أعضاء البرلمان .. كان محافظ المدينة من الموالين للحزب الحاكم ، وكان يحرص على إستمرار نجاح الحزب .. إلا أن البركان بدأ فى الفوران .. وبدأ يخرج الحمم التى نزلت على المدينة ، إلا أن المحافظ أصر على إستكمال الإنتخابات بالرغم من خطورة البركان على أهل البلدة .. ولم تكتب النجاة لأهل البلدة إلا لشخص واحد فقط .. هو الذى وقف فى وجه المحافظ معارضاً قراره .. فأمر بنفيه خارج المدينة ، التى دمرها البركان بعد ذلك بما فيهم المحافظ نفسه ...
وكنت أنا ذلك المحافظ الدكتاتورى .. المتملق للسلطة .. الساعى لرضائها ..ولو على حساب حياته وحياة الأبرياء من أبناء مدينته ..
لاقت هذه المسرحية نجاحاً كبيراً .. تلقينا على أثرها دعوات لعرضها فى العديد من الجهات والمحافظات ، فقد تم عرضها بمدينة القناطر الخيرية ، محافظة الشرقية بمناسبة العيد القومى للمحافظة .. ضمن مهرجان للمسرح تم عرضها على مسرح محمد عبد الوهاب بشارع الجلاء .. ومركز شباب مدينة إمبابة بمحافظة الجيزة ، وقد كان لنجاحى فى هذا الدور ، فضلاً للحصول على لقب " محافظ " بين زملاء الفن والمسرح .. فكنت كلما دخلت مكاناً أو مسرحاً .. سمعت عبارة الترحيب المتكررة " أهلا سيادة المحافظ " ... ، ثم كانت المرحلة التالية ..
*******
كانت أولى خطواتى نحو المسرح لممارسة هواية عشقتها ، وأنا فى الثانية عشر من عمرى ، عندما كنت فى المرحلة الإعدادية ، بعد أن توفى والدى بأشهر معدودة وكان فى قلبى حزن دفين لم أعرف كيف أعبر عنه آنذك إلا بالتمثيل ..
عندما كنت أقف أمام مدرس النشاط لأقدم مقطعاً تمثيلياً يتيح لى فرصة الإنضمام الى فريق التمثيل بالمدرسة ، كنت أقدم مقطعاً لطفل إختطف الموت أباه فجأة ، وأحس بالفراغ والضياع وهو فى سن مبكرة .. يتحسس الطريق ، ولا يعرف من الحياة سوى أسرته الصغيرة .. ومدرسته .
قدمت هذا المقطع أمام مدرس النشاط .. وبكيت ...
إختارنى مدرس النشاط لأكون عضواً فى فريق التمثيل فى المدرسة عندما أحس بصدق إحساسى ، وقدرتى على التعبير عما يعتمر فى نفسى بالكلمة والحركة والإنفعال الصادق ، وهى الأدوات الأساسية للتمثيل بالمسرح .
كانت أولى المسرحيات التى إشتركت فيها ، مسرحية عن الكفاح العربى المشترك ضد الإحتلال الإسرائيلى الغاشم لقطعة غالية من قلوبنا .. أقصد من أرضنا ، ألا وهى فلسطين الحبيبة .. وكان دورى فى المسرحية ، مجاهد سورى فى صفوف المقاومة التى ضمت عناصر عربية أخرى متعددة .. ونجحت فى الدور الذى أسند إلىّ .. فكانت البداية ..
عندما إنتقلت الى المرحلة الثانوية .. شاء القدر أن يأخذنى النشاط الى إتجاه آخر .. فكان إتجاها سياسياً هذه المرة .. فقد إلتحقت بمنظمة الشباب الإشتراكى التى رأسها فى ذلك الحين الدكتور / حسين كامل بهاء الدين ، ومساعده الذى كان يتولى مسئول التدريب آنذاك ، الدكتور / مفيد شهاب ...
بدأت مشوارى السياسى بحضور العديد من المعسكرات التثقيفية والتدريبية ما بين معسكر حلوان ، ومعسكر الشباب فى أبو قير بالأسكندرية ، حيث تدربنا على العمل السياسى فى إطار منظمة الشباب الإشتراكى ، كفرع من الإتحاد الإشتراكى الذى كان على قمته فى ذلك الحين السيد / على صبرى – الأمين العام .
وبعد أن أنهيت المرحلة الثانوية ، إلتحقت بالعمل فى الأمانة العامة للإتحاد الإشتراكى – فرع أمانة الشباب ، والتى كانت تشغل فى ذلك الحين المبنى المجاور لفندق شيراتون القاهرة فى مواجهة النيل العظيم .
لم يستطع العمل السياسى أن ينزع من داخلى هواية التمثيل .. فقد كنت – من خلال حفلات السمر والتعارف بالمعسكرات – أشترك فى تقديم بعض الفقرات الفنية بالإشتراك مع زملائى .. وكنت دائماً أشعر أن الفرصة ستأتى يوماً ما .. لأمارس هوايتى الحبيبة ..
فى ذلك الوقت .. كان لى أخ يكبرنى بعدة سنوات يمارس نفس الهواية .. وكان عضواً بالمسرح العمالى ، وعندما شعر بحبى للمسرح ، عرض علىّ يوماً الذهاب معه للمسرح للإشتراك مع فريق الكومبارس ( الممثلين الذين يظهروا على المسرح فى خلفية الممثلين الأساسيين دون أن يتحدثوا ) .. وكان أجرى فى ذلك اليوم ما قيمته خمسون قرشاً عن الليلة الواحدة .. تصرف فى نهاية الأسبوع ..
لم يكن قبولى القيام بدور الكومبارس وقتئذ يرجع لحاجتى الى الخمسين قرشاً ، وإنما رغبتى فى الوقوف على المسرح ، ومعايشة أحداث المسرحية .. وإكتساب الخبرة من الممثلين الكبار فى كيفية التعامل مع المسرح والجمهور والمخرج والمنظومة المسرحية بشكل عام .. كنت أسعد بإستنشاق عبير خشبة المسرح .
قررت منظمة الشباب بدء النشاط المسرحى بتشكيل المسرح السياسى ، أو مسرح المنظمة .. وكان يهدف الى تقديم المسرحيات العالمية ، والتوعوية لجمهور الشباب وأسرهم .. فكان لى نصيباً فى الإنضمام الى المسرح السياسى ..
كانت أولى مسرحياتى فى هذه المرحلة على مسرح " الهوسابير – بشارع رمسيس ... " ثم غاب القمر " .. .
كانت مسرحية باللغة العربية الفصحى من إخراج أحد مخرجى التليفزيون كان يدعى " محمود سامى " .. ، وتدور أحداثها عن جانباً من الحرب العالمية الثانية فى أوروبا .. وكان دورى من الأدوار الرئيسية لأحد الضباط النازيين الألمان الذين إحتلوا أحد القرى الأوروبية ، وواجهوا المقاومة .. وتناولت المسرحية الجانب النفسى للجنود الألمان الذين إنهار بعضهم فى مواجهة المقاومة ، وإحساسهم بما يقومون به من إعتداءات وحشية على أهل القرية ... تناول هذا الدور الجانب العسكرى لمسئولية الضابط للقيام بواجبه ، والجانب النفسى لعلاج الحالة النفسية المتردية لجنوده فى المعركة .. كان دوراً محورياً أمتعنى فى القيام به .
وفى حفل الختام .. تم تخصيص جوائز لأفضل الممثلين المشاركين فى العرض ، فكانت إحدى الجوائز من نصيبى ، وكانت دافعاً لى على الإستمرار بعد أن شعرت بتقدير أولى الخبرة فى مجال المسرح .
كانت المسرحية الثانية .. أو التالية ، على المسرح القومى بالعتبة .. وكانت باللغة العامية .. بعنوان " إشاعة هانم " .. من إخراج الأستاذ / حسن صالح ، من المخرجين الهواة المخضرمين ..
وكان دورى فى هذه المسرحية ، دور البطولة المطلقة ..
تدور أحداث المسرحية فى أحد الأحياء الشعبية التى تعرف فيها شاب على فتاة تقطن فى نفس الحى " بنت الجيران " .. وتقدم لخطبتها ، وعاشا معاً قصة حب رومانسية أخذتهما الى الخطوة الأخيرة من الزواج .. إلا أن الإشاعات التى أطلقها البعض من أهل الحى ، أثارت مشكلة كبيرة بين العائلتين ، كادت أن تقضى على العلاقة البريئة بين الحبيبان ، لتقضى على أمالهما ببناء بيت جديد وتكوين أسرة جميلة ..
وكانت المسرحية بالطبع تهدف لتوعية عامة الشعب لتجنب الشائعات ، بل ومقاومتها بإعتبارها أحد عناصر الدمار للكيان الإجتماعى .. ونجحت المسرحية .
فى هذه المرحلة .. إنتقلت من العمل فى الأمانة العامة للإتحاد الإشتراكى الى البنك المركزى المصرى .. فكانت مرحلة جديدة من حياتى العملية ...
كما هو المنطق دائما .. تطلب مجال عملى الجديد بذل الجهد والوقت لإثبات ذاتى وبدء أولى خطواتى الناجحة فى عملى .. فأستغرق ذلك عدة أشهر أبعدتنى مؤقتاً عن المسرح .. وهوايتى المحبوبة .. ولكن ،
لم تستمر كثيراً حالة البعاد بينى وبين محبوبتى – خشبة المسرح – فالتحقت فى ذلك الوقت " بمركز رعاية نشئ وشباب العمال " .. وكان هذا المركز أحد الفروع التوعوية والتثقيفية لشباب العمال تحت مظلة النقابة العامة لعمال مصر ... ويرأسه الأستاذ / إبراهيم الأزهرى ، وهو من القيادات العمالية البارزة ، ويعاونه مجموعة من الشباب المخلصين ..
كان هذا المركز يشغل أحد المبانى الواقعة بشارع الجمهورية بالقاهرة .. وكان يضم مسرحاً صغيراً لتدريب شباب العمال على هواية التمثيل المسرحى ، بالإضافة الى العديد من الأنشطة الأخرى ، كالموسيقى والقراءة ... الخ من الهوايات البناءة والمفيدة التى تبعد شباب العمال عن إضاعة الوقت فيما يضرهم ، ويضر المجتمع ، ذلك كان الهدف الرئيسى من نشاط المركز ..
كان عيد العمال .. مناسبة هامة لمشاركة الشباب بالأنشطة المختلفة التى تظهر فاعلية هذا المركز ، فكان لزاما علينا إقامة مهرجان سنوى للمسرح العمالى .. يستمر المهرجان لمدة أسبوعين الى ثلاثة أسابيع ، تقدم فيه فرق التمثيل بالشركات والمصانع بعض المسرحيات التى تخضع للإنتقاء الدقيق فى موضوعاتها وتميزها الفنى من كافة الجوانب .. فكنت أنا أحد أعضاء اللجنة التى تشرف على هذا المهرجان ، وتحدد العروض التى ستقدم فى هذه المناسبة ..
كان المهرجان يخصص ليلتان لعرض كل مسرحية ، وفى الليلة الثانية ، يتم إستضافة أحد النقاد المعروفين ، وعدد من الصحفيين لتقييم العمل وفتح باب المناقشة مع جمهور المتفرجين ، حتى يكون ذلك تمهيداً لإعلان أفضل العروض فى نهاية المهرجان ..
كان من الطبيعى أن يكون للمركز الرئيسى الذى كنت أشارك فى الإشراف عليه مسرحية تعرض ضمن المهرجان ..
كانت مسرحيتى التالية .. " البركان " .. للمخرج المبدع الأكاديمى الأستاذ / أحمد عبد المجيد ..
كانت أحداث المسرحية – وهى من تأليف أحد المؤلفين الهواة – باللغة العربية الفصحى ، وتدور أحداثها فى إحدى المدن الأوروبية التى كانت تقع أسفل أحد البراكين الهادئة .. وعندما بدأت الحملة الإنتخابية لإختيار أعضاء البرلمان .. كان محافظ المدينة من الموالين للحزب الحاكم ، وكان يحرص على إستمرار نجاح الحزب .. إلا أن البركان بدأ فى الفوران .. وبدأ يخرج الحمم التى نزلت على المدينة ، إلا أن المحافظ أصر على إستكمال الإنتخابات بالرغم من خطورة البركان على أهل البلدة .. ولم تكتب النجاة لأهل البلدة إلا لشخص واحد فقط .. هو الذى وقف فى وجه المحافظ معارضاً قراره .. فأمر بنفيه خارج المدينة ، التى دمرها البركان بعد ذلك بما فيهم المحافظ نفسه ...
وكنت أنا ذلك المحافظ الدكتاتورى .. المتملق للسلطة .. الساعى لرضائها ..ولو على حساب حياته وحياة الأبرياء من أبناء مدينته ..
لاقت هذه المسرحية نجاحاً كبيراً .. تلقينا على أثرها دعوات لعرضها فى العديد من الجهات والمحافظات ، فقد تم عرضها بمدينة القناطر الخيرية ، محافظة الشرقية بمناسبة العيد القومى للمحافظة .. ضمن مهرجان للمسرح تم عرضها على مسرح محمد عبد الوهاب بشارع الجلاء .. ومركز شباب مدينة إمبابة بمحافظة الجيزة ، وقد كان لنجاحى فى هذا الدور ، فضلاً للحصول على لقب " محافظ " بين زملاء الفن والمسرح .. فكنت كلما دخلت مكاناً أو مسرحاً .. سمعت عبارة الترحيب المتكررة " أهلا سيادة المحافظ " ... ، ثم كانت المرحلة التالية ..
عندما رشحت لأكون عضواً بالجمعية المصرية لهواة المسرح ، وكان مقرها بالمركز الثقافى بمنطقة " جاردن سيتى " بالقاهرة ، وكان رئيس الجمعية آنذك الأخ / عمرو دوارة - نجل الناقد والأديب الكبير " فؤاد دوارة " الذى تنبأ لى بمستقبل ناجح بعد مشاهدة مسرحية البركان ..وكان يزاملنى فى جمعية هواة المسرح عدد من نجوم التمثيل اليوم أذكر منهم على سبيل المثال الفنانة " عبلة كامل " وآخرين ...
كان لنشاطى الملحوظ " بمركز رعاية نشئ شباب العمل "، والجمعية المصرية لهواة المسرح ، أثراً فى دعوتى ضمن مسئولى المركز لتسليم بعض الجوائز وشهادات التقدير ، وحفلات التكريم للمتميزين من العمال فى العديد من مواقع العمل .. حتى إنتهى الأمر عام 1985م لدعوتى ضمن وفد رسمى يمثل عمال مصر لزيارة بعض الدول الأوروبية ، خاصة وأننى أجيد اللغة الأنجليزية ...
قبل أن أقوم بتسليم جواز سفرى الى مسئول مركز رعاية نشئ وشباب العمال للحصول على التأشيرات اللازمة .. حصلت على عقد عمل فى أحد بنوك دول الخليج العربى .. فكان لمستقبلى وعائلتى أولوية القرار فى قبول العقد .. على حساب النشاط الشبابى والعمالى والسياسى .. وتغيرت مسيرة الحياة ...
ومهما مرّ الزمن .. وباعدت المسافات بينى وبين حبيبتى خشبة المسرح .. فلن أنسى معشوقتى .. وذكرياتى معها .. وكثيرا ما أحلم بعودتى إليها ، لأقف على خشبة المسرح من جديد ، أمام الجمهور العظيم والحبيب الذى طالما تلقيت إعجابه وتحيته لى بالتصفيق الذى لن يغيب صوته عن أذنى مهما طال الزمن .. يالها من نغمة عظيمة إنحنيت لها إحتراماً وتقديراً .. وسأظل أنحنى أمامها طالما حييت ...
كان لنشاطى الملحوظ " بمركز رعاية نشئ شباب العمل "، والجمعية المصرية لهواة المسرح ، أثراً فى دعوتى ضمن مسئولى المركز لتسليم بعض الجوائز وشهادات التقدير ، وحفلات التكريم للمتميزين من العمال فى العديد من مواقع العمل .. حتى إنتهى الأمر عام 1985م لدعوتى ضمن وفد رسمى يمثل عمال مصر لزيارة بعض الدول الأوروبية ، خاصة وأننى أجيد اللغة الأنجليزية ...
قبل أن أقوم بتسليم جواز سفرى الى مسئول مركز رعاية نشئ وشباب العمال للحصول على التأشيرات اللازمة .. حصلت على عقد عمل فى أحد بنوك دول الخليج العربى .. فكان لمستقبلى وعائلتى أولوية القرار فى قبول العقد .. على حساب النشاط الشبابى والعمالى والسياسى .. وتغيرت مسيرة الحياة ...
ومهما مرّ الزمن .. وباعدت المسافات بينى وبين حبيبتى خشبة المسرح .. فلن أنسى معشوقتى .. وذكرياتى معها .. وكثيرا ما أحلم بعودتى إليها ، لأقف على خشبة المسرح من جديد ، أمام الجمهور العظيم والحبيب الذى طالما تلقيت إعجابه وتحيته لى بالتصفيق الذى لن يغيب صوته عن أذنى مهما طال الزمن .. يالها من نغمة عظيمة إنحنيت لها إحتراماً وتقديراً .. وسأظل أنحنى أمامها طالما حييت ...